شبكة عصبونية اصطناعية
الشبكات العصبونية الاصطناعية (بالإنجليزية: Artificial Neural Network ANN) أو ما يدعى أيضا بالشبكات العصبونية المحاكية simulated neural network أو SNN : مجموعة مترابطة من عصبونات افتراضية تنشئها برامج حاسوبية لتشابه عمل العصبون البيولوجي أو بنى إلكترونية (شيبات إلكترونية مصممة لمحاكاة عمل العصبونات) تستخدم النموذج الرياضي لمعالجة المعلومات بناء على الطريقة الاتصالية في الحوسبة. تتألف الشبكات العصبونية بشكل عام عناصر معالجة بسيطة تقوم بعمل بسيط لكن السلوك الكلي للشبكة يتحدد من خلال الاتصالات بين مختلف هذه العناصر التي تدعى هنا بالعصبونات ومؤشرات هذه العناصر element parameters. الإيحاء الأول بفكرة الشبكات العصبونية أتى من آلية عمل العصبونات الدماغية التي يمكن تشبيهها بشبكات بيولوجية كهربائية لمعالجة المعلومات الواردة إلى الدماغ. في هذه الشبكات اقترح دونالد هب أن المشبك العصبي يلعب دورا أساسيا في توجيه عملية المعالجة وهذا ما دفع للتفكير في فكرة الاتصالية والشبكات العصبونية الاصطناعية. تتالف الشبكات العصبونية الاصطناعية من عقد أو ما قد ذكرنا مسبقا انه عصبونات neurons أو وحدات معالجة processing elements، متصلة معا لتشكل شبكة من العقد، وكل اتصال بين هذه العقد يملك مجموعة من القيم تدعى الأوزان تسهم في تحديد القيم الناتجة عن كل عنصر معالجة بناء على القيم الداخلة لهذا العنصر.
مقدم الي البرمجة العصبونبة
يمكننا تعريف الشبكات العصبية بأنها محاولة رياضية برمجية لمحاكاة طريقة عمل المخ البشري. حيث أن العلماء قد اكتشفوا تقريبا طريقة عمل المخ البشري من حيث قابلية التعلم وقابلية التذكر والقدرة على تمييز الأشياء والقدرة على اتخاذ القرارات. والمخ كما تعلمون يتكون من مليارات الخلايا العصبية المتشابكة فيما بينها بطريقة معقدة جدا عن طريق الزوائد العصبية لكل خلية، مما يشكل شبكة هائلة من الخلايا العصبية المرتبطة فيما بينها عن طريق هذه الزوائد.
هذه الترابط فيما بين الخلايا العصبية يتيح لها القدرة على تخزين المعلومات والصور والصوت وخلافه من الإشارات التي تصلها عبر الحواس الخمسة، ومن ثم تتيح لها أيضا التعلم عن طريق التكرار والخطأ.
فمثلا لو أتينا بطفل صغير وعرضنا عليه مجموعة من صور الحيوانات المختلفة فيها مثلا فيل وزرافة وببغاء؛ تعلم الآن الطفل الصغير هذه الحيوانات وأسمائها. لو عرضنا عليه الآن صورة لطير لم يره من قبل ولنفرض أنه الكناري وقلنا له ما هذا الحيوان فإنه بناء على تعلمه سابقا فإنه سيقول أنه ليس فيلا وليس زرافة ولكنه يشبه إلى حد كبير الببغاء. سنقول له صحيح، هذا يشبه الببغاء ولكنه ليس ببغاء وإنما هو كناري.
الآن ما الذي حصل ؟
لقد استطاع هذا الطفل الصغير التعلم بناء على النماذج الثلاثة الأولية التي تدرب عليها،استطاع أيضا اتخاذ قرار صحيح مع الطير الجديد.
أخيرا تدرب على الكناري بحيث أنه في المرات القادمة سوف يستطيع أن يفرق بين الببغاء والكناري مع التشابه بينهما. كل ما سبق حصل مع هذا الطفل الصغير لأن الدماغ البشري يعمل بطريقة تؤهله للتعلم والتذكر واتخاذ القرارات عندما يحتاج لذلك، وذلك بسبب تركيبة الدماغ التي تكلمنا عليها سابقا. عندما اكتشف العلماء طريقة عمل الدماغ حاول العلماء الرياضيون أن يحاكوا طريقة عمل الدماغ بواسطة نماذج رياضية. نشأ عن هذا العلم الجديد ما يسمى بالذكاء الصناعي وأحد أنواع هذا الذكاء الصناعي هو الشبكات العصبية والذي هو أساس موضوعنا الآن. رأينا سابقا أن الطفل الصغير خصص جزءا من خلايا دماغه لتكوين شبكة عصبية تعلم بها التمييز بين الصور التي عرضت عليه. وأن هذه الشبكة يمكن أن تتطور وتتعلم وتنمو أكثر فأكثر وتصبح قادرة أكثر على اتخاذ القرارات الصحيحة.
وهكذا فإن أي شيء يتعلمه الطفل يتم تخصيص شبكة عصبية خاصة بهذا العلم؛ ولكن بكثير من التعقيد والربط المعقد بين هذه الشبكات المختلفة.الآن نأتي لأبسط شكل لهذه الشبكات العصبية والذي قام علماء الرياضيات بمحاكاته برمجيا وصنع نموذج رياضي له.
تتكون كل خلية عصبية اصطناعية من ثلاثة أقسام رئيسية هي :
- الوزن: وهو وزن أو عامل تثقيل لكل خلية عصبية اصطناعية وهو عبارة عن رقم مجرد.
- الجامع: وهو عبارة عن حاصل جمع وزن كل خلية مضروبة بالدخل.
- تابع التفعيل: وهو عبارة عن علاقة أسية لمعالجة إشارة الخرج بحيث تمر هذه الإشارة من خلال هذا التابع ومنه تنتج القيمة النهائية المطلوبة.
يكمن أحد أسباب تفوق الدماغ البشري في قدرته على معالجة المعطيات في شكل هيكلي بمعني ان كل جزء من المخ له وظيفه ويشرف علي عمله جزء اخر يدير عمله ويستطيع ان يغير عمل الاجزاء ويسمي ذلك Plasticity كما أن كل جزء من المخ يعمل بصفه منفصله عن الاخر كما لو كان جهاز كمبيوتر به عدد كبير جدا من المعالجات(Processors)، أجهزة الحاسوب اليوم تقوم بمحاكاة هذه العملية في ما يسمى حوسبة متوازية، Parallel Computing، وبالرغم من السرعة العالية الناتجة عن هذه التقنية إلا أنها تفتقر إلى القدرة على الاستقلال بحل المشكلة، وذلك لان الحاسب الإلكتروني يقوم بارسال بيانات كثيرة جدا في صورة رقمية بينه كل من اجزائه اما المخ فيقوم بعمل ذلك في صورة رقميه في بعض الأماكن وفي أماكن اخري في صورة انالوج كما أن الكمبيوتر يرسل عدد كبير من البيانات المتكرره ولكن المخ لايرسل بيانات متكرره ومثال علي ذلك الكاميرا فهي ترسل حالة كل نقطه تصورها واذا لم تتغير الحالة ترسلها كما هي أيضا اما العقل فيرسل التغيير فقط وذلك علي شكل Spikes أو إشارات عصبية.
دونالد هيب،Hebb في كتابه منظمة السلوك 1949م، أشار إلى أنّ المشابك العصبية الروابط (العصبونات) بين الخلايا العصبية تقوى كلما تم استعمالها أكثر بمعني ان إذا يوجد عدد من الخلايا بجانب بعض ولكن اثنين منهم يقومان بنقل بينات بصورة كثيفه فتقوي الوصله بينهما وتصبح عملية معالجتها للعمليات أسرع مع تكرار إثارتها بنفس المعطيات. كانت هذه بداية التفكير لما يسمى بالمعالجات العصبية أو الشبكات العصبية والتي كانت مطروحة في وقتها على صورة خلايا وليس شبكات مترابطة. في الخمسينات من القرن العشرين قامت شركة أي بي إم بأول محاولة لمحاكاة الخلية العصبية، ونجح ذلك بعد عدة محاولات فاشلة.و لكن كان علم الكمبيوتر في ذلك الوقت يتجه ناحية الحساب المتسلسل مما أدى إلى إهمال موضوع الخلايا العصبية ووضعه في الأدراج.
في نهاية الخمسينيات، بدأ فرانك روزنبلات بالعمل على ما يدعى اليوم بالبيرسيبترون، Perceptron، حيث كان قادرا على فصل النقاط القابلة للفصل خطيّا دون النقاط غير القابلة للفصل خطيا. وهذا ما اعتبر عيبا ضخما في البيرسبترون. في عام 1959م قام برنارد فيدرو وماركيان هووف ببناء نموذجي عنصر تكيفي خطي آدالاين ADAptive LINear Element ومجموعة عناصر تكيفية خطية مادالاين Many ADALINE. كان هذا هو أول ظهور للشبكات العصبية بشكلها الحالي. كانت تستخدم كفلاتر أو مرشحات قابلة للتكيف (Adaptive Filter) لإلغاء الصدى من خطوط الهاتف. وما تزال تستعمل تجاريا حتى هذا الوقت.
إرسال تعليق